شباك في الحي

الفصل العاشر: الشباك اتقفل
أول مرة من سنين…
ندى ما فتحتش الشباك الصبح.
الستارة مقفولة، والهوا محبوس، والصمت جوه الأوضة تقيل كأنّه بيتنفس لوحده.
الكراسة على المكتب،
والقلم واقف كأنه بيستنى حاجة تتحرك…
بس ندى ما كتبتش حرف.
كل حياتها كانت بتدور حوالين الشباك.
المراقبة، التسجيل، التأمل، التخيّل.
لكن دلوقتي؟
الحي بقى ساحة حرب.
والمعركة خرجت برّا الورق.
رغدة بعتت لها رسالة قصيرة:
“هو عرف إن في تسجيل.
شافني وأنا بدوّر في حاجتك.
خدي بالك… هو جاي النهاردة.”
ندى قعدت تبص في الموبايل،
وكل حاجة جواها كانت بتقول:
“ماتخافيش.”
لكن إيدها كانت بتترعش.
قامت، وفتحت الدُرج، وطلعت الفلاش اللي عليه التسجيل.
لبست هدوم بسيطة، وحطت الفلاش في شنطتها،
ونزلت.
راحت على القسم.
الضابط اللي استقبلها هو نفس الراجل اللي كان جاي يسأل عن مازن.
– “إنتِ اللي اسمك ندى، من الحي الفلاني؟”
– “أيوه، وجايه أبلغ عن حاجة أهم من كل البلاغات اللي فاتت.”
حطت الفلاش قدامه، وبدأت تحكي كل حاجة:
- عن رغدة.
- عن مازن.
- عن سما.
- عن التهديدات.
- وعن الراجل اللي كل المصايب باديه.
الضابط سمع التسجيل،
سكت…
بعدين قال لها:
– “لو كل ده صح، إحنا قدّام شبكة تهديد وتستر وابتزاز… مش مجرد راجل بيلف على ست غلبانة.”
ندى ردت:
– “ما كنتش متخيلة وأنا بكتب في الكراسة،
إني هلاقي نفسي في قضية كبيرة.
بس دلوقتي… أنا جوّاها، وهنكملها للآخر.”
خرجت من القسم، والنهار بدأ يميل للغروب.
الشمس نازلة ببطء، والناس راجعة من شغلها، والأصوات رجعت للشارع،
لكن ندى مشيت عكس الاتجاه.
رجعت البيت، وقبل ما تدخل،
بصّت للشباك.
رفعت إيديها،
وقفلت القفل الخفيف اللي عمره ما استخدمته قبل كده.
وقفلته بأيدها، وهي بتقول لنفسها:
“الشباك مش مكاني دلوقتي.
الوقت مش للفرجة…
الوقت للمواجهة.”
مازن رجع.
شافها وهي داخلة، جري عليها وقال:
– “سمعت إنك بلغتي عن الراجل!
كله بيحكي عنك النهارده.”
ندى ابتسمت لأول مرة من كام يوم:
– “لسه البداية يا مازن.
أنا مش بس بكتب حكايتكم.
أنا جزء منها…
والمرة دي، نهاية القصة إحنا اللي نكتبها.”
اكتشاف المزيد من ترند مصر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.