شباك في الحي

الفصل الحادي عشر: الحقيقة
الحي اتبدّل.
الناس بقيت تبص على ندى بشكل مختلف…
مش البنت الهادية اللي دايمًا واقفة ورا الشباك…
دلوقتي هي “اللي بلغت”، “اللي فتحت القصة”،
“اللي ما خافِتش”.
الضابط رجع للحي.
بس المرة دي مش عشان يسأل…
المرة دي مع أمر ضبط واستدعاء رسمي لجوز رغدة، ومعاه قوة صغيرة.
كان واقف عند باب العمارة، ورغدة واقفة وراه، وشها شاحب، لكنها واقفة على رجلها…
مازن طلع من البقالة يبص،
والستات من البلكونات بيهمسوا.
ندى كانت واقفة من بعيد، ما قربتش…
كانت حاسّة إن اللحظة دي مش للحكي… دي للعدالة.
الضابط طلع الراجل من البيت، وهو لابس لبس بيت عادي، لكن باين عليه إنه فاهم هو طالع ليه.
ما قاومش، ما اتكلمش، بس قبل ما يدخل العربية، بص ندى في عنيها…
نظرة طويلة…
ما كانتش تهديد…
كانت هزيمة.
بالليل، ندى قعدت مع رغدة في بيتها.
أول مرة الشباك يكون مقفول، بس القلب مفتوح.
رغدة قالت:
– “أنا عشت سنين خايفة…
كل ما أقول هبلغ، أتراجع…
بس لما شفتك، لقيت فيكي الشجاعة اللي فقدتها.
سما كانت صح… لازم الحكاية تِتحكي، مهما كانت بتوجع.”
ندى مسكت إيدها وقالت:
– “وإنتي كمان شجاعة… وإحنا هنكمّل لآخر سطر.”
قبل ما تخرج، رغدة إدّت ندى ظرف صغير:
– “سما كانت سيباه عندي من أسبوعين، قالتلي: لو حصلي حاجة، ادّيه لندى.”
ندى قلبها بدأ يدق أسرع، فتحت الظرف…
ولقت فيه جواب بخط إيد سما:
“يا ندى،
لو قريتي ده، يبقى أنا وصلت للآخر، وإنتي بدأتي البداية.أنا شُفت فيكي الحكاية اللي ما كنتش قادرة أعيشها،
وكنت عارفة إن صوتك هيوصل…احكي عني،
احكي عن رغدة،
احكي عن مازن،
احكي عن الناس اللي محدش بيسمع صوتهم.وإوعى تسكتي.
سما.”
ندى رجعت البيت، والشباك لسه مقفول.
قعدت على المكتب، فتحت الكراسة، ومسكت القلم…
لكن المرة دي، ما كتبتش مشهد.
كتبت مانيفستو، بيان…
“أنا ندى.
كنت ساكنة في شباك بيطلّ على الحارة.
كنت فاكرة إني كاتبة، والناس أبطال.لكن الحقيقة؟
الكل أبطال…
وأنا وحدة منهم.الحارة مش بس مكان…
دي حكاية… ولسه ما خلصتش.”
اكتشاف المزيد من ترند مصر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.