شباك في الحي

شباك في الحي

الفصل الأول: الشباك


الساعة كانت ستة ونص الصبح.
ندى فتحت عينيها على صوت العصافير وهي بتزقزق في الشباك كعادتها. الشمس لسه ما طلعتش قوي، بس نورها بدأ يتسلل من وراء الستارة القديمة اللي لونها بهت من كتر الغسيل والشمس.

قامت من السرير وهي لابسة بيچامة قطن متوسخة شوية من كتر اللبس. مش مهم. راحت فتحت الشباك، وده طقس يومي ما بتغيرش. الشباك ده مش بس مصدر هوا، لأ… ده نافذتها على العالم.

“صباح الخير يا حيّنا…”
قالتها بصوت واطي كأنها بتكلم حد وراها، بس الحقيقة إنها بتكلم نفسها. هي دايمًا بتتكلم مع الحي. تحب تبص من فوق وتشوف الناس وهي بتبدأ يومها. كل بيت له قصة، وكل وش فيه حكاية.


تحت في الشارع، أم شادي بتنشر الغسيل على الحبل اللي قدام البيت.
ست كبيرة، بس عنيدة. وشها دايمًا مكشّر كأنها زعلانة من الدنيا كلها، وبتزعق لعيالها من غير سبب.
ندى بتحب تبصلها من بعيد، بتحاول تفهم: هي فعلاً كده، ولا ده وش التعب؟
في صوت خافت طالع من شباكهم:
– “ندى! اعملي شاي وأنا هقوم أعمل الفطار!”
– “حاضر يا ماما…”

بس ما قامتش على طول، فضلت لحظة واقفة تبص…
الشباك ده مش بس بيتفتح عالشارع، ده بيتفتح على الذكريات.

أبوها الله يرحمه كان دايمًا يقعد هنا يشرب الشاي ويقرأ الجرنال، وأمها تقول له:
– “سيب الجرنال وتعال ساعدني.”
وهو يضحك ويقول:
– “اللي ورا الشباك أحلى من اللي جوه المطبخ.”

ضحكت ندى لوحدها وهي بتفتكر، وبعدين أخدت نفس عميق… ريحة الفطير اللي أم سمر بتعمله في آخر الشارع وصلت لحد عندهم. ريحة الحي، مزيج من عرق، عيش طازة، صياح أطفال، صوت الحناجر، والمزيكا اللي طالعة من عربية الفول.


فيه ولد واقف جنب عربية عم حنفي، بيستناه يفتح.
الولد ده دايمًا هناك، كل يوم، بنفس التيشيرت، بنفس الشنطة اللي على كتفه. ندى مش عارفة اسمه، بس بقت حافظاه.
تسأل نفسها:
“يا ترى رايح مدرسة؟ ولا شغل؟”

هي مش بتراقب الناس، هي بس بتحب تتفرج عليهم.
بتحب تتخيل…
– أم شادي كانت ممثلة زمان.
– عم حنفي كان غني واتفضى عليه الزمن.
– الولد الصغير ده، ممكن يطلع شاعر أو حرامي.

هي مش بتتكلم، بس بتكتب. عندها كراسة قديمة، بقالها سنين بتسجل فيها كل حاجة بتشوفها. تسميها:
“حكايات من الشباك”.


لكن في اليوم ده، فيه حاجة غريبة حصلت…
فيه عربية سودا ركنت تحت البيت.
مش منظر مألوف، خصوصًا في شارع دايمًا زحمة ومليان مواتير وصراخ.
نزل منها راجل لابس بدلة، ومعاه واحد تاني. وقفوا قدام بيت رغدة… البنت اللي ساكنة لوحدها في الدور اللي تحت ندى.

ندى ضيّقت عنيها، وحست بخبطة في قلبها…
“يا ترى إيه الحكاية؟”


وهنا خلص الفصل الأول…
الحي صحي، ونَدى بدأت يومها من الشباك.
لكن الأحداث بدأت تسخن، والرواية بتوعدنا بحاجات كتير جاية!


اكتشاف المزيد من ترند مصر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد